هجوم حماس يقلب إستراتيجية بايدن في الشرق الأوسط

> واشنطن "الأيام" العرب:

> ​حتى نهاية الأسبوع الماضي كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتمد على بقاء الشرق الأوسط هادئا نسبيا بينما تسعى برصانة إلى تحقيق أهدافها السياسية الرئيسية هناك المتمثلة في التوسط لتحقيق انفراجة بين إسرائيل والسعودية واحتواء طموحات إيران النووية.

لكن هذه الآمال تبددت عندما تسلل من قطاع غزة مقاتلون من حركة حماس واجتاحوا بلدات ومواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية السبت، مما أسفر عن مقتل المئات وأسر عشرات آخرين. وردت القوات الإسرائيلية بقصف عنيف أودى بحياة المئات في القطاع الساحلي وفرضت عليه حصارا كاملا.

وبعد تجنب التدخل في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني الذي يستعصي على الحل، يجد بايدن نفسه الآن مدفوعا إلى أزمة من المرجح أن تعيد تشكيل سياسته في الشرق الأوسط، وفي تحالف قد لا يشعر فيه بالارتياح مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو.

ويقول محللون إنه وضع محفوف بالمخاطر من الناحية السياسية بالنسبة إلى رئيس يسعى لإعادة انتخابه في عام 2024، ويمكن أن تترتب عليه آثار وخيمة على أسعار النفط العالمية ويوجه موارد الولايات المتحدة واهتمامها بعيدا عما لا يزال حتى الآن يمثل التحدي الأبرز في سياسته الخارجية ألا وهو حرب روسيا في أوكرانيا.

ووجه هجوم حماس المفاجئ ضربة لجهود الوساطة الأميركية في اتفاق تطبيع تاريخي بين إسرائيل والسعودية ووضع عقبات أمام نهج واشنطن إزاء إيران، راعية حماس منذ فترة طويلة. ويؤكد مسؤولون أميركيون أن محاولات إقامة علاقات بين العدوين القديمين إسرائيل والسعودية يمكن أن تنجو من الأزمة دون أن يصيبها أذى، لكن خبراء كثيرين يتبنون وجهة نظر أكثر تشاؤما.

وقال جون ألترمان، رئيس برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، في تناقض مع الخط الرسمي للحكومة الأميركية "بكل بساطة، كل جهود التطبيع ستظل معلقة في المستقبل المنظور". ورأت الإدارة الأميركية في الجمع بين أقوى حليفين لواشنطن في المنطقة حصنا أشد مناعة ضد طهران ومن شأنه أن يمنع تقدم الصين في منطقة الخليج الغنية بالنفط.

وقال جوناثان بانيكوف، وهو مسؤول كبير سابق في المخابرات الأميركية، إن "الشارع العربي لن يدعم التطبيع بعد حرب واسعة النطاق دمرت فيها الضربات الإسرائيلية جزءا كبيرا من غزة”. وأثارت الأزمة أيضا انتقادات جديدة لسعي إدارة بايدن إلى إقامة علاقات بين إسرائيل والسعودية، والتي كان يُنظر إليها على أنها لا تبدي اهتماما كبيرا بمسعى الفلسطينيين لإقامة دولتهم.

واتهم خالد الجندي، وهو مستشار سابق لفريق التفاوض الفلسطيني، إدارة بايدن بقيادة عملية تطبيع إسرائيلية - سعودية تتغافل عن حقوق الفلسطينيين إلى حد كبير. وقال الجندي، الذي يعمل الآن في معهد الشرق الأوسط ، "مثل هذا الإهمال هو أحد الأسباب التي تقف وراء ما نراه". وكانت حماس ترسل رسالة مفادها أنه لا يمكن تجاهل الفلسطينيين إذا كانت إسرائيل تريد الأمن، وأن أي صفقة سعودية – إسرائيلية من شأنها أن تعرقل التقارب الذي حدث في الآونة الأخيرة بين المملكة وإيران.

ويقول محللون إن إدارة بايدن، حتى أثناء مساعدتها لإسرائيل في محاربة حماس وتحرير العشرات من الرهائن الذين يحتمل أن يكون بينهم أميركيون، يمكن أن تحاول صياغة إستراتيجية تهدف على الأقل إلى إبقاء خيار إقامة دولة فلسطينية على قيد الحياة.

لكن نتنياهو، الذي تقاوم حكومته اليمينية المتطرفة بالفعل تقديم تنازلات تسعى إليها كل من واشنطن والرياض، سيعارض تقديم أي تنازل إلى الفلسطينيين، نظرا لارتفاع عدد القتلى وأزمة الرهائن التي يواجهها. ويجر هجوم حماس الإدارة الأميركية إلى الانخراط بشكل أكبر في الشرق الأوسط المضطرب؛ إذ وعد بايدن بتقديم مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل وردع أي كيان عن استغلال الوضع.

ويقول مسؤولون في الإدارة إن التحدي المباشر هو منع الحرب من التحول إلى صراع أوسع، وخاصة منع جماعة حزب الله اللبنانية -المدعومة من إيران- من فتح جبهة ثانية على الحدود الشمالية لإسرائيل. ويقول محللون إن الولايات المتحدة قد تضطر في أعقاب الهجوم إلى مراجعة نهجها تجاه إيران التي أثنت على هجوم حماس لكن نفت الاضطلاع بدور مباشر فيه.

ومنذ توليه منصبه، انطوى سجل بايدن السياسي على جهود فاشلة للتفاوض مع طهران على العودة إلى الاتفاق النووي. وتنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية. وقال مسؤولون أميركيون إن إيران متواطئة في الهجوم على إسرائيل بسبب دعمها لحماس على مدى زمن طويل، لكنهم لا يملكون أدلة تربط طهران مباشرة بالهجوم.

وأشار بعض المحللين إلى أن إيران قد تتجرأ على تصعيد “حرب الظل” مع إسرائيل بعد أن رأت غارة مسلحة تنتهك سمعة الجيش الإسرائيلي الذي نُظر إليه على أنه جيش لا يقهر، وتستخدم وكلاءها الإقليميين بشكل أكبر لاستهداف المصالح الأميركية في المنطقة.

وقال بانيكوف، الذي يعمل الآن في مركز أبحاث المجلس الأطلسي، “قد تكون إيران أقل ارتداعا في الوقت الراهن، سواء كان ذلك صحيحا أم خاطئا، لأنها ترى أن الإدارة الأميركية أقل استعدادا للانخراط في صراع عسكري أو اتخاذ إجراءات تهدد بحدوث ذلك”.

ويجد بايدن نفسه أيضا مضطرا إلى الدفاع عن نفسه في مواجهة انتقادات الجمهوريين لصفقة تبادل السجناء مع إيران في الشهر الماضي، والتي أشار مسؤولون أميركيون إلى أنها قد تكون خطوة لبناء الثقة، وإلغاء تجميد 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية لتوظيفها في الأغراض الإنسانية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى