​مأزق السلام في اليمن.. الادعاء الحوثي بـ«الاصطفاء الإلهي» في الحكم

> «الأيام» سوث24:

>
حذرت  ورقة سياسية لمركز سوث 24 للأخبار والدراسات من خطورة تمسّك جماعة الحوثيين في اليمن، بمبدأ "الحق الإلهي" بالحكم على مستقبل عملية السلام في اليمن ونجاحها، وتبعات "تعزيز فكرة العنصرية" على أساس عرقي، على المواطنة المتساوية والعدالة الانتقالية ومبادئ حقوق الإنسان.

ودعت الورقة التي أعدتها الباحثة في المركز، فريدة أحمد، إلى أهمية إصدار الحوثيين وثيقة إقرار بعدم اعترافهم بالولاية في البطنين كشرط للحكم، وكمقدمة لدخولهم في عملية سلام تضمن حقوق سياسية متساوية لجميع المواطنين.

وأوصت الورقة بضرورة أن تشمل مخرجات أي عملية سلام الاتفاق على إضافة نصوص دستورية تُجرّم الادعاء بامتيازات سياسية على أساس العرق. كما أنّه من المهم أن ينص الاتفاق السياسي على تحقيق شرط "المواطنة المتساوية"، بتوقيع من جميع أطراف الصراع، وفي مقدمتهم الحوثيين.

وحاولت الورقة تسليط الضوء على إمكانية الوصول إلى سلام مستدام وصموده أمام تمسك الحوثيين بمسألة أحقية الحكم بناءً على "الحق الإلهي"، وبالذات إذا ما دخلت الحكومة المعترف بها دوليا مع الجماعة الدينية في تسوية سياسية شاملة. وعمّا إذا كانت الحكومة ستضع اشتراطات تتعلق بجزئية المواطنة المتساوية.
واستطلعت الورقة آراء عدد من الباحثين والباحثات اليمنيين المختصين في المجتمع المحلي وشؤون الأقليات وبعض ممثلي الأقليات الدينية الذين يتهمون الجماعة بارتكاب انتهاكات واسعة لطوائفهم الدينية.

كما شددت الباحثة على وضع قوانين صارمة تمنع وتحول دون الانتقام على أساس العرق، مع عدم الإخلال بمبدأ العدالة الانتقالية. فهناك تراكمات أرستها سياسة الحوثيين وتضرر منها كثير من المواطنين على الأرض، مما ولّد نوعا من الاحتقان لدى قطاع واسع منهم ضد نَسَب معين، والعكس أيضا. لذا من المهم تجريم المنتهكين والمحاسبة عبر القضاء ومؤسسات خاصة بالعدالة الانتقالية.

وحثت على تنقيح المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الحوثيين، التي حاولت ترسيخ فكرة التمايز العرقي على عدد كبير من النشئ في المدارس والمعاهد العلمية والمراكز الصيفية.

ووفقا للورقة فإنّ "الانقلاب" الحوثي على الدولة ليس هو المعضلة الرئيسية في اليمن، بقدر ما هو متمثّل ببقاء الفكرة الحوثية ذاتها المرتبطة بالحق الإلهي في الحكم، فهناك كثير من الانقلابات التي حدثت على مر التاريخ المعاصر، وعبرها تعزّزت أفكار واندثرت أيديولوجيات والعكس، بيد أن المسألة الخلافية في اليمن شديدة التعقيد، وبالذات عندما تتعلق بتعصّب الجماعة الحوثية لعرقها، ووضعها هالة القُدسية عليه، مما يخوّلهم ذلك التحكم في كل شيء بناءً على فكرة الحق الإلهي في الولاية والسلطة، ويتم بناء كثير من الحواجز بينهم وبين باقي أفراد الشعب. هذا الأمر لا يتعلق بتعصّب الجماعة ذاتها وحسب، بل هو مرتبط أيضا بوجود نسبة ليست بالطفيفة في اليمن، تخدم فكرة "تقديس العرق الهاشمي" وإن لم تكن تنتمي إليه، لكنّها نشأت على القبول بتقديس الفكرتين معا "التمايز العرقي"، و"السلالية"، وهذه معضلة رئيسية أخرى لن تُعالج إلا بقوانين دستورية ملزمة للمواطنين بجميع اختلافاتهم، يسود فيها مفاهيم الديمقراطية والانتخابات العامة والإرادة الشعبية كمحددات للوصول الى مؤسسة الحكم، وليس بناءًا على ادعاءات بحقوق إلهية.

وقالت إنه من المهم أن تناقش الأطراف الدولية والمحلية الداعمة لجهود السلام في اليمن، مسألة "استدامة السلام"، بضمانات تحقق المواطنة المتساوية، لأنّ النقاش حول سلام فضفاض وربما مؤقت، والاستمرار في التغاضي عن أسس خلافية راسخة في المسألة اليمنية، سيعرّض عملية السلام للانهيار. لا سيّما وأن الحوثيين يشترطون تأجيل الترتيبات العسكرية بعد الترتيبات السياسية، مما يُنذر بأن لدى الجماعة نوايا مسبقة حال فشل العملية السياسية. لذا، فإن ذهاب الحكومة المعترف بها دوليا إلى السلام باشتراطات أساسية تضمن حقوق المواطنين السياسية بالتساوي، ومشاركتهم في العملية السياسية في مختلف المراحل المقبلة، بعيداً عن أفكار "التمايز العرقي"، أو حق "الاصطفاء الإلهي في الحكم"، سيؤدي بالمحصّلة لضمان حل معضلة السلام برمّتها في اليمن.

لذلك حثت الورقة الحكومة المعترف بها دوليا وضع خروج زعيم الجماعة الحوثية "عبدالملك الحوثي"، من اليمن، شرط لنجاح أي عملية سلام، لا سيّما بوجود أتباع يقرّون بأحقيته الإلهية في الحكم، خاصة وأن هناك أجيال منذ 2004 نشأت على هذه القدسية، وبقاء ما يعتبرونه حاكماً ومرجعية دينية في البلاد أضفي عليها طابع القداسة، قد يشكل ذلك خطورة على مسألة السلام في اليمن.

بالمقابل دعت الورقة لوضع شرط عودة الأقليات الذين تم تهجيرهم من قبل الحوثيين، وتمنع الإضرار بهم، وتضمن كافة حقوقهم من التمتّع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم أو إقامة شعائرهم الدينية، وكذلك تعويضهم جراء ما لحق بهم من أضرار معنوية وعينية وتحقيق مبدأ العدالة الانتقالية.

وأشارت لضرورة شمول الاتفاق السياسي لحقوق وحريات النساء، وضمان عدم تعرضهن لأي تمييز قائم على النوع الاجتماعي تحت مبررات دينية وطائفية، ومنحهن حق المشاركة السياسية من مختلف أطراف الصراع في اليمن.
كما نوهت لأهمية تشجيع المبادرات المحلية القائمة على تعزيز قيم التسامح وقبول الآخر والتعايش واللاعنف، لضمان دمج من تعرضوا لتمييز على أساس الدين أو العرق مع أفراد المجتمع من جديد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى