مشاعر مختلطة بين سرور وأَسَى؟!( 1)

د. علي العسلي
الأحد ، ١١ يونيو ٢٠٢٣ الساعة ١٠:٠٠ مساءً

إن المشاعر المتداخلة قد تأتي بالراحة والسعادة، وقد تأتي بالأسَى والحزن،  لكن في كلا الحالين، هي نعمة من الله!؛ ففرحك وسرورك نعمة من نعم الله، والحزن بموت عزيز، ايضاً هو نعمة من الله، لتتذكر الموت، ومن أن الكل ذاهب إليه لا محالة، فلتَستعّد وتُراجع، لِتَفْلح!  سُررنا كثيراً عند تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وهللنا له فرحا وطرباً، إذ أنه قد جمع  القوى الفاعلة على الأرض، التي كانت تشكّل مشكلة للشرعية(تلك كانت تحزننا) ؛ ومن أن هذا الامر سيُعجل بإنهاء الانقلاب، واعادة الحوثي إلى الصواب(هذا  كان يفرحنا)!؛ لكن بواعث هذه السعادة مع مرور الايام والشهور والمواقف والسلوك على الأرض، تداخل الأمل بالقلق، السرور بالأسَى؛ ولا زلنا نتأمل أن ذلك الشعور بالسرور كان حقيقياً، ولم يكن عاطفياً وجاء نتيجة لتقييم خاطئ، أو أن من دخل، المجلس دخله وله حسابات أخرى سيئة.. غير أن النتيجة واحدة حتى الآن، نحن المفرّحون قد أصابنا أسَىً كبيراً من عدم التئام القوى والتحامها، والتقدم صوب الحوثي،  وتركه يهيمن على اليمن كلها، لم يكن يعملها من قبل تشكّل مجلس القيادة الرئاسي، امثال تجرءه بمنع تصدير النفط من الموانئ الخاضعة لسلطة الشرعية في المناطق المحررة.، وتهديده المحدّث بمنع تصديره من صافر بمأرب.. ولربما الذي حصل ويحصل هو أيضاً من نعم الله، ليجعل الشرعية والتحالف يدركان خطورة الحوثي، ويوقفانه عند حدّه،  وكذلك لإزالة الشكوك وتنقية الشوائب ولصفاء النية بين أطراف الشرعية، فالمحكات والأحداث والحاجات تصنع  ما لا يتوقعه الكثيرون!؛ لعلّها نعمة ليتعظ البعض ويقيم ويُراجع، ويتراجع عن مواقفه ومسلماته! ولذا ندعوا بعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي أن يعيدوا النظر في سلوكهم وتصرفاتهم ومواقفهم!؛ فتصرفاتهم تجلب الشقاء لهم وللإنسان اليمني في الحاضر، وقد ينعكس الاحباط واليأس عليهم سلباً فيما هو آت!؛  إن القلق والخوف من تشكل مجلس القيادة الرئاسي بعد أن كان فرحاً وسروراً، ذلكم من نعم الله! من أجل التفتيش عن العِللّ الجوهرية ومعالجتها!؛ فالمجلس المفروض أنه جاء ليصلح ما أفسده الدهر (هذه سعادة)، لا لتمرير مشاريع مشبوهة(هذه تعاسة وخسران)، وهذه الاخيرة تولدّت، بسبب أفعال مغايرة على الارض عمّا هو معلن،  ومن عدم التزم مجلس القيادة الرئاسي بالقيادة الجماعية، وتحقيق التجانس والانسجام التام، لتنفيذ مضمون إعلان الرئيس هادي؛ أقول إن الذين سُعدوا ما كان لهم أن يشعروا أو يفكروا بالمرارة والحسرة، لو كان هناك تطبيق وتنفيذ آمين لبنود إعلان نقل السلطة الذي أصدره الرئيس هادي!؛ فالشعور ذهب بعيداً جداً، جراء سلوكيات بعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وإن شاء الله يصلهم هذا الشعور السلبي، فيُقيّمون ويُراجعون ويتخذون القرارات الصائبة بالتوحد والاصطفاف نحو الهدف المتمثل بإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية، وفي أقرب الآجال!؛   فلا تجعلونا نندّم أن أيدناكم، ولا تتحولوا إلى أن تصبحوا أكثر خطراً على البلد ووحدته بعد تحمّلكم للمسؤولية!؛ إن  الانسان اليمني، المهتمّ والمفكر بهموم بلده ومشاكلها، والذي يبحث عن معالجة لها، أصبح  أكثر احباطاً وفقاً للمعطيات التي يجمعها، فكلما تعمّق في التفكير ازداد خوفاً وقلقاً على وطنه وبقاء دولته مستقرة موحدة، ليعيش المواطن فيها بأمن وأمان وكرامة، هذا الكلام ليس عاطفياً، وانما نتيجة، للمشاهدة، لحماقات هنا وهناك، وبسبب هؤلاء وأولئك!؛   نعلم أن الأحاسيس والمشاعر الإنسانية كثيرة، ومنها على سبيل المثال الإحساس بالضياع والخوف من فقدان الوطن، فبلدنا صار مهدد في دولته وهويته، تهديد جدّي وخطير، وصار يفتقد لنعمة الآمن، والراحة والطمأنينة والسكينة والاستقرار والرزق، لا نقول الوفير، وإنما حدّ الكفاف، رغم الخيرات والموارد الكثيرة والتي يتولّى تعطيّلها الحوثي حالياً من دون ردّ.. ألا يا مجلس القيادة الرئاسي؟!  هلاَّ من قرارات شجاعة؟!؛ تعيد الثقة بكم مجتمعيين، تقررون بموجبها هيكلة التشكيلات مع الجيش الوطني، وتتجاوزون الخلافات، وتترفّعون عن المصالح الضيقة، والتفكير بمسؤولية وطنية عالية، تجاه ما يتعرض له الوطن من مخاطر وتحديات، ومواجهتها باتحادكم وترفّعكم.. إنا لمنتظرون؟!،    أقول تتجلى أحداث وصور ومعطيات ومواقف على الواقع يصعب تبيرها أو قبولها أو الدفاع عن ممارسيها أو التماهي معها!؛ ولذا ننبه لبعضها، ونحذر من أخرى، ونتجاهل الأكثر، لعلّ وعسى.. فلا أذُن تسمع، ولا مسؤول باسم الشرعية يستحي من ممارسة سلوك انفصالي!؛ ولا مسؤول اخر باسم الشرعية ومعها، يعترض ويدين ويعلّي صوته ويسجل موقفه!؛ بل بعضهم يجامل ويبرر!؛ هذا هو كبد الحقيقة،  وهو عين الحزن والأسَى، وهذا ما يثلج صدور وافئدة الحوثة، فانتبهوا واتقوا الله!؛  ولا شك أن كثيرين يشاركوننا القلق، إذا استمر التعامل بنفس الاسلوب، فقد تحصل في اليمن عشرّية سوداء أخرى، إن لم يتصدى الجميع لمشاريع التمردّ والخروج عن قرارات الشرعية، أو لتمرير ما يريده الحوثي في الشراكة المزعومة في تسوية غير عادلة، قد تطل برأسها في قادم الايام والشهور، فكثيرون يحضّرون لها، وتلوح في الأفق المنظور!؛وإن لم تتعامل الشرعية بحزم وبحساسية مفرطة تجاه أي إجراء يقدم عليه الحوثي، فترد عليه بمثله وأكثر، وليس بالشكوى للوسطاء، وانما باتخاذ إجراء أشد وأقوى!؛إن لم يحصل كل ذلك، فإن القلق سيبقى المعشعش في عقولنا إلى أن يُعَقّْلها مجلس القيادة الرئاسي ويتوكّل!؛  مرد بؤسنا وخوفنا وقلقنا، ليس من التسوية المسوّقة ليلاً ونهاراً، ولكن من فرضها بالقوة وممارسة الضغوط لقبولها، ولكونها غير عادلة، فقد تسبب حرب أهلية لا تنتهي.. أما اليمن ووحدته، فمُحصّن بإرادة شعبه، وبالدستور والقانون، وباعتراف دول العالم وقرارات مجلس الامن؛ وكذا من التكتلات الاقليمية والدولية.. وعلى المجلس الانتقالي أن يحمد الله أنه صار شريكاً أساسياً وفاعلاً في سلطات الشرعية، عليه أن يعقل، ولا يُشعّب، كما شعّبّ اخواننا اكراد العراق، فماذا كانت النتيجة؟! على الرغم من الاستفتاء ونجاحه؛ إلا أن الانفصال ذهب أدراج الرياح!؛.. يتبع..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي