​تهديدات الحوثيين بعودة القتال.. ضغط لإطلاق المحادثات مجددا؟

> «الأيام» العربي الجديد:

>
تثير تهديدات الحوثيين المستمرة بالعودة إلى القتال، إضافة إلى تحشيداتهم العسكرية، مخاوف من عودة القتال إلى الساحة اليمنية، بعد أكثر من شهر ونصف شهر من الموعد الذي حُدد لعودة المباحثات من دون حصول ذلك، وسط قراءات مختلفة للحراك الحوثي وأهدافه.

وكانت زيارة وفدين عماني وسعودي إلى صنعاء اليمنية والاجتماع مع جماعة الحوثي، في 9 أبريل الماضي، تتويجا لجهود الوساطة العمانية والجهود الدولية المكثفة التي بذلتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لإحلال السلام في اليمن.

وتوصلت نقاشات صنعاء إلى خريطة طريق تشمل هدنة لمدة ستة أشهر مع وقف جميع الأنشطة العسكرية في اليمن، وإلزام الأطراف بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، مع تخفيف القيود التي يفرضها التحالف على مطار صنعاء وموانئ البحر الأحمر، في مقابل رفع الحوثيين حصارهم المستمر منذ سنوات على مدينة تعز، إضافة إلى دفع رواتب جميع موظفي الدولة من عائدات النفط والغاز، وسماح جماعة الحوثيين بتصدير النفط من قبل الحكومة المعترف بها، وفق تقارير صحافية.

وعندما غادر الوفد السعودي صنعاء في 13 أبريل، ضُرب موعد لعودة المباحثات بعد عيد الفطر (22 أبريل الماضي)، لكن بعد نحو شهر ونصف شهر على الموعد لم تعد المباحثات.

ورأى الباحث في الشأن السياسي عدنان هاشم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ما حدث الآن على ما يبدو تجميد للمحادثات بين السعودية والحوثيين نتيجة لوجود تعقيدات، ولترك المبعوث الأممي (هانس جروندبرج) يقوم بدوره ويجهز خططا متعلقة بالتوصل إلى اتفاق".

وأضاف هاشم: "أعتقد أنه حتى لو لم يعد الوفد السعودي إلى صنعاء أو لم يذهب وفد حوثي إلى السعودية، فالمشاورات في القناة الخلفية عبر سلطنة عمان لا تزال مستمرة، وفي كل الأحوال، سواء نجحت أو فشلت هذه المشاورات، فإنها ستكون حجر أساس في أي تفاوض مقبل".
ولفت إلى أن "المبعوث الأممي قال في آخر تصريح له، إن المراحل الثلاث التي يقوم بالتحضير لها تعتمد بشكل أساسي على محادثات السعودية والحوثيين".
  • تحشيدات الحوثيين
وعن التحشيدات والاستعدادات العسكرية لجماعة الحوثيين، قال هاشم إن "هدفها فقط الضغط لتحقيق مكاسب"، مستدركا: "لا ينفي ذلك أنه في حال تعثرت هذه المفاوضات أو توقفت لسبب أو لآخر أنه لن تعود الحرب، بل ستعود بشكل أكبر من قبل، وأعتقد أنها ستدخل مرحلة جديدة من الاستنزاف ولن تحدث مفاوضات بعدها إلا بعد وقت".

وصعّدت جماعة الحوثي من لهجتها في الأسابيع الأخيرة، وتطلق بين الحين والآخر تهديدات باستهداف الموانئ السعودية وأخرى باستهداف منشآت النفط والغاز في مأرب، بالتزامن مع تعزيزات عسكرية تدفع بها الجماعة إلى مأرب ومختلف الجبهات في البلاد.

وأطلق نائب رئيس حكومة الحوثيين، غير المعترف بها، لشؤون الدفاع والأمن الفريق جلال الرويشان، مطلع الشهر الحالي، تهديدات باستهداف السعودية، وقال إن لدى جماعته القدرة على "التحكم عسكريا في الموانئ السعودية وتدفق رؤوس الأموال إليها".

وأضاف الرويشان في تصريحات نقلتها وسائل إعلام الجماعة أنه "لا يوجد رد سعودي حتى اللحظة لحسم الملف الإنساني بعد مفاوضات شهر رمضان (في مارس وأبريل الماضيين)، وتقديراتنا تشير إلى أنهم يحاولون كسب الوقت".
وإلى جانب تهديد السعودية، أطلق نائب وزير الخارجية في حكومة الجماعة حسين العزي، قبل أيام، تهديدات باستهداف حقول النفط والغاز في محافظة مأرب، وكتب على "تويتر" مخاطبا سلطات مأرب: "هذه الثروة ملك 40 مليونا من أهلكم، وأملي أن تقاسموهم إيراداتها قبل أن نقول اتركوها في باطن الأرض واشتروا من الخارج كما نشتري".

وجاءت تلك التهديدات بالتزامن مع تصعيد حوثي كبير في الجانب الاقتصادي، بدأ بمنع تصدير النفط عبر استهداف موانئ التصدير بالصواريخ والطائرات المسيّرة قبل ثمانية أشهر، وحرمان الحكومة من أهم مورد اقتصادي رافد للاقتصاد الوطني، وصولاً إلى منع قاطرات الغاز التي تأتي من مأرب من عبور الحدود إلى مناطق الجماعة قبل نحو شهر، وإلزام التجار ببيع الغاز المستورد بدلا عن المحلي الآتي من مأرب.

والخميس الماضي، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن عبّر، لدى لقائه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، عن قلقه "إزاء الإجراءات الحوثية التي تقطع الموارد الضرورية عن اليمنيين، وتعرقل إيصال البضائع إلى اليمن".
في السياق، دفعت جماعة الحوثيين، خلال الأسبوعين الأخيرين، بتعزيزات عسكرية ومسلحين إلى مختلف الجبهات في محافظة مأرب وجبهات أخرى، من بينها منصات للصواريخ وصلت إلى مأرب وجبهات منطقة الشريجة على الحدود الشطرية السابقة بين شمال اليمن وجنوبه في أطراف محافظة لحج، وفقا لمصادر عسكرية.
  • الهدف من التحشيد
وقال نائب رئيس المركز الإعلامي للقوات المسلحة العقيد صالح القطيبي إنه "من بداية الأسبوع الماضي، حشدت مليشيا الحوثي حشودا كبيرة، ومن خلال استطلاعنا ورصدنا، فإن الجماعة تقوم باستحداثات وحفر خنادق وتحصينات على امتداد الجبهات الجنوبية في مأرب، ونصب منصات للصواريخ، لا سيما في مناطق في صرواح (غرب مأرب) والجوبة (جنوب)".

وأضاف القطيبي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن الجماعة "تحاول من خلال التحشيد أن تنفذ عمليات عسكرية لتقول إنها موجودة وما زالت قوية وتحقق مكاسب في المفاوضات، لكن الجيش في أتم جاهزية واستعداد لها، وقد أجرى خلال الأشهر الماضية تدريبات وتأهيل لأفراده وقياداته، وهو على استعداد لأي تحركات للمليشيا، ويعلم واقع المليشيا وأنها في أضعف حالاتها".

ويرى مراقبون أن تصعيد جماعة الحوثي خطابها ضد مأرب والسعودية يأتي فقط لتعزيز مكاسبها التي حققت جزءاً كبيراً منها في جولة المشاورات السابقة، بعد إبداء السعودية تفهمها شروطها في جولة مفاوضات صنعاء.

واعتبر الباحث العسكري والاستراتيجي علي الذهب، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الحوثي يلوّح باستخدام القوة فقط من أجل إملاء اشتراطاته الإضافية بخصوص ما يطرحه من قضايا، الرواتب، مقاسمة النفط والغاز"، معرباً عن اعتقاده "أن هناك ارتباطاً بين هذا والراعي الخارجي للحوثي، وهو إيران وحواراتها مع السعودية وغيرها".

وأضاف الذهب: "إذا وجد الحوثي فرصة ويمكنه السيطرة على مناطق استراتيجية مثل أجزاء من جبهة مأرب مثلا في منطقة الجدافر (شمال شرق) والاقتراب من الطريق الدولي ومنشآت النفط والغاز، فسيحاول فرض أمر واقع عن طريق القوة العسكرية، كخطوة تكتيكية في جبهة هشة يمكن أن يحدث فيها اختراقا ويحقق مكسبا كبيرا ثم يتوقف".

لكنه توقع "ألا يجازف الحوثي بشيء كبير ما لم يكن هناك دعم خارجي"، مضيفا: "لا تزال عودة الحرب إلى ما قبل 2 أبريل 2022 (تاريخ بدء أول هدنة) مسألة يصعب تصورها، لأنه (الحوثي) لا يمكن أن يهدد السعودية مرة أخرى باستخدام الصواريخ نظرا للاتفاق السعودي الإيراني، ولا يمكن أن يطلق عملية عسكرية واسعة على مستوى 70 أو 72 جبهة".

وأكد الذهب الدور الإيراني بالنسبة للحوثيين فيقول: "إيران هي المتحكم بشكل كبير في الحوثيين، متحكمة بتقنية الطيران غير المأهول والصواريخ التكتيكية متوسطة المدى التي تطلقها عبر الحدود اليمنية، تزويدا وتشغيلا وإدارة، وقرار هذه الأسلحة تتحكم فيه إيران".
إضافة إلى ذلك: "حقق الحوثي مكاسب كبيرة خلال الأشهر الماضية، فالموانئ مفتوحة، والمطارات أيضا، وهو أخذ كل المكاسب من الهدنة ولم ينفذ فتح طرقات تعز، ولذلك لن يكون هناك تصعيد كبير لأني لا أتصور أن يجازف بكل هذه المكاسب"، وفق الذهب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى