​عمال اليمن... واقع مرير فاقمته سنوات الحرب

> صنعاء "الأيام" الشرق الأوسط:

> ملايين الأشخاص مهددون بالمجاعة وانقطاع سبل العيش

لم يعد بمقدور «سعيد» -وهو عامل بناء يمني- تدبير قوت أطفاله، بعد أن مر عليه الشهر الثاني وهو في انتظار الحصول على عمل بالأجر اليومي، يمكنه من تغطية ولو جزء يسير من احتياجات أسرته الضرورية، بهذا يلخص سعيد أحمد"35 عاما" بعض همومه ومعاناته جراء استمرار ندرة فرص العمل، وتحديدا في مجالات البناء والتشييد.

يفيد سعيد وهو أب لخمسة أطفال بأنه يخرج صبيحة كل يوم إلى تقاطع يضم تجمعات الباحثين عن العمل، تحت جسر في منطقة دار سلم جنوب صنعاء، حيث يقضي ساعات طوالا أملا في أن يجد عملا، لكن دون جدوى.

ويتحدث سعيد لـ«الشرق الأوسط» شاكيا من انهيار وضعه وأسرته المعيشي للعام التاسع على التوالي، نتيجة ما قال إنه غياب لفرص العمل، وتراجع كثير من ميسوري الدخل في صنعاء عن القيام بالبناء في عقاراتهم، عدا تلك التي تُشيِّدها بطرق مستعجلة وخفية قيادات انقلابية.

ويؤكد أن أوضاعه قبل سنوات الانقلاب والحرب كانت ميسورة، حيث كان يعمل باستمرار وبكل جهد وطاقة، برفقة نجله الأكبر وعاملين آخرين، بالتشييد، وفي مقاولة بنايات عدة في صنعاء وغيرها.

مصادر نقابية في صنعاء أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن عمال الأجر اليومي من الحرفيين وعمال البناء ومن يحملون الأمتعة على ظهورهم، وغيرهم، هم أكثر الفئات المتضررة من تدهور الأوضاع الذي شهدته القطاعات الحيوية المختلفة بالمناطق التي تحت سيطرة الميليشيات.

ووفقا لسعيد، فإنه ومئات من عمال الأجر اليومي الذين تتجمع أعداد كبيرة منهم بصورة يومية في حراجات العمال بصنعاء، يجدون أنفسهم في معظم الأيام دون عمل، بفعل التدهور المستمر للأوضاع الاقتصادية.

وبينما يستقبل عمال اليمن بمناطق سيطرة جماعة الحوثي عيدهم السنوي للعام التاسع على التوالي، وهم يعانون أشد الويلات والحرمان نتيجة خسارتهم أعمالهم ووظائفهم، وكذا رواتب الموظفين الحكوميين المنهوبة لدى الجماعة الحوثية منذ عدة سنوات، تستمر شكاواهم من انهيار أوضاعهم المعيشية والحياتية، وخسارتهم مصدر رزقهم بفعل الانقلاب والحرب التي تسببت في انقطاع فرص العمل، ورفع نسبة البطالة والفقر إلى مستويات قياسية.

ويؤكد «حمدي» -وهو موظف مدني في صنعاء- استمرار تدهور أوضاعه المادية والمعيشية للعام الثاني على التوالي، نتيجة خسارة عمله السابق مندوبا للمبيعات بشركة تجارية في صنعاء، بعد تعرضها للإفلاس والإغلاق نتيجة تصاعد أعمال البطش والجباية الحوثية.

وقال «حمدي» إنه مستمر منذ نحو عام تقريبا في البحث عن فرصة عمل أخرى في القطاع الخاص، حيث لم يترك شركة ولا مؤسسة ولا مجموعة تجارية إلا وطرق بابها، لكن دون جدوى.

وتَحِلُّ ذكرى اليوم العالمي للعمال هذا العام مع استمرار معاناة مليون ونصف مليون موظف حكومي يمني من أوضاع معيشية بائسة، إضافة إلى نحو 8 ملايين عامل يمني بالأجر اليومي باتوا عاطلين عن العمل، بفعل الانقلاب والحرب الحوثية، حسب تقديرات مصادر نقابية في صنعاء تحدثت لـ«الشرق الأوسط».

واتهمت المصادر الجماعة الحوثية بمواصلتها مضاعفة معاناة الملايين من عمال الأجر اليومي، وذلك من خلال انتهاجها سياسات الفساد المنظم ضد ما تبقى من مقومات القطاع الاقتصادي، وهو ما قاد إلى تدهور سوق العمل وتفشي البطالة واتساع رقعة الفقر والجوع.

وكانت مصادر عاملة في الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن بصنعاء، أكدت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن آلاف العاطلين عن العمل في صنعاء ومدن أخرى باتوا -نتيجة فساد وتدمير الانقلابيين لمقدرات دولتهم وبنيتها الاقتصادية- يبحثون عن فرص عمل في أغلب شوارع وطرقات تلك المدن.

وأوضحت المصادر أن الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية عقب انقلابها رفعت من معدل البطالة والفقر بمناطق سيطرتها خصوصا عقب إغلاق المئات من المؤسسات والشركات والمصانع والمحال التجارية أبوابها وقيام أخرى بتسريح كثير من عمالها نتيجة سياسات البطش والإتاوات الحوثية.

وتشير تقارير محلية وأخرى دولية إلى أن الجماعة الحوثية سعت عبر سياسات النهب والتجويع المنظمة إلى تدمير حياة آلاف من عمال اليمن، سواء في القطاع العام أو الخاص أو ممن يعملون بالأجر اليومي، تتحدث تقارير أممية أخرى عن نحو 24.1 مليون يمني أي 80 % من السكان باتوا الآن بحاجة إلى مساعدات إنسانية كي يبقوا على قيد الحياة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى