الرئيسية > محليات > المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) يطالب بالتوقف عن إلحاق العقوبات بالصحافيين اليمنيين وإنهاء حالة الإفلات من العقاب

في اليوم العالمي لحرية الصحافة

المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) يطالب بالتوقف عن إلحاق العقوبات بالصحافيين اليمنيين وإنهاء حالة الإفلات من العقاب

" class="main-news-image img

 

يحل اليوم العالمي لحرية الصحافة وما تزال أوضاع الصحافة والصحافيين في مناطق الصراع والحروب في عدد من بلدان ألعالم  تعيش وضعاً سيئاً ومأساويا .

 

 

وفي اليمن و برغم توقف الأعمال العسكرية، منذ أكثر من عام؛ إلا أن الحرب نفسها لم تنتهِ، وجهود بناء السلام لم تحقق أي تقدم يمكن البناء عليه، حيث تتوزع الجغرافيا اليمنية بين أطراف الصراع، وتغيب الدولة ومؤسساتها.

ويزيد عدد الانتهاكات التي طالت الصحافة والصحافيين في اليمن خلال سنوات الحرب الثمانية، أكثر من1400 انتهاك، منها 49 واقعة قتل عن مقتل 49 لصحافيين ومصورين منذ بداية الحرب، وإلى جانب ذلك ثمة انتهاكات أخرى تتنوع بين الاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة السيئة وأحكام الإعدام وإغلاق الصحف وحجب المواقع الإلكترونية، وإيقاف الرواتب والإقصاء والتمييز في العمل والفصل التعسفي.

وإذا كان الإفراج عن أربعة من الصحافيين اليمنيين، والذين كانوا يواجهون أحكاما بالإعدام؛ منتصف شهر أبريل الماضي، ضمن اتفاق لتبادل المختطفين؛ يمثل بادرة جيدة على إمكانية تحقيق تقدم في معالجة أوضاع الصحافة والصحافيين في اليمن؛ إلا أن سجون أطراف الصراع ما تزال تحتفظ بعددٍ من الصحافيين المختطفين، ويواجهون معاملة سيئة، في حين تواجه حرية الصحافة تحديات كبيرة وخطيرة.

وتعدّ اليمن إحدى أسوأ بيئات العمل الصحافي حول العالم، فمنذ العام 2014 توقفت العديد من وسائل الإعلام بشكل قسري عقب سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء وانقلابها على التوافق السياسي والدولة، إذ عمدت الجماعة إلى إغلاق وسائل إعلام مستقلة وحزبية بالقوة، وملاحقة ملاكها ومسؤوليها والعاملين فيها واضطهادهم.

وسيطرت الجماعة على مؤسسات الإعلام الرسمية وعينت تابعين لها في مواقعها القيادية وزرعت عناصرها في كامل مفاصلها، بينما تعرض قادتها وعدد كبير من العاملين فيها للإقصاء والتهميش والطرد والملاحقة والحرمان من المرتبات، وتحول أداء هذه المؤسسات إلى خدمة أجندة ومشروع الجماعة الطائفي، والتحريض على خصومها.

ولم تكتفِ الجماعة بهذه الانتهاكات الخطيرة ضد الصحافة والصحافيين؛ بل إنها لجأت إلى القتل والإعدامات الميدانية للصحافيين والمصورين في الميدان بتعمد واضح، وقتلت وأصابت ما لا يقل عن 17 منهم بنيران قناصتها ومدفعيتها خصوصا في محافظة تعز التي إلى جانب هذه الانتهاكات شهدت وفاة أحد الصحفيين بسبب التعذيب في سجون الجماعة؛ بعد الإفراج عنه بأيام.

ولم تنجُ وسائل الإعلام الخاصة التي التزمت الحياد واكتفت بتقديم مواد ترفيهية من قمع واضطهاد جماعة الحوثي وابتزازها، حيث جرى إغلاق ما لا يقل عن ست محطات إذاعية بحجة عدم الحصول على ترخيص مزاولة النشاط، وجرى تحصيل جبايات غير قانونية ضخمة منها مقابل السماح لها بإعادة البث، وبرغم دفع تلك المبالغ؛ إلا انه لم يسمح لبعضها بمزاولة أنشطتها مجدداً؛ في حين سُمح لأخرى بإعادة البث وفق توجيهات وتحت رقابة الجماعة.

وبسبب هذه الممارسات أصبح عدد كبير من الصحفيين بدون عمل ولا مصادر دخل، واضطر غالبيتهم إلى النزوح من مناطق سيطرة جماعة الحوثي، إلا أن النزوح لم يوفر لهم فرصا أفضل للعمل وتحسين مستوى المعيشة، كما لم يكون بمنأى عن الانتهاكات في المناطق الأخرى.

واتجه عشرات الصحافيون لمزاولة مهن أخرى كالبيع والعمل في المطاعم لإعالة أسرهم، بينما غيرهم لم تسعفهم ظروفهم الصحية لممارسة أي عمل آخر، وأصبحوا بحاجة إلى معونات ومساعدة الجهات الإغاثية الدولية والمحلية.

ولم تكن جماعة الحوثي وحدها المتورطة بممارسة الانتهاكات ضد الصحافة والصحافيين؛ إذ شاركتها بقية الأطراف في هذه الانتهاكات، وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أحد أطراف الانتهاكات التي طالت حرية الصحافة والإعلام، وخلال العام الماضي ذكرت نقابة الصحافيين اليمنيين أن الحكومة كانت مسؤولة عن ما لا يقل عن 23 انتهاك.

وفي مدينة عدن، وهي العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية وتخضع فعلياً لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي وجهازه الأمني والعسكري؛ وقعت خمس حوادث اغتيال لصحافيين، وكان أشهرها اغتيال الصحافية رشا الحرازي في نوفمبر2021، وهي حامل، واستهدفت عبوة ناسفة سيارة زوجها أثناء ما كانت برفقته، لتتوفى مع جنينها، بينما أصيب زوجها إصابات خطيرة، ولم يكشف عن المتورطين بهذه الجريمة أو غيرها من الجرائم الشبيهة.

وتشمل الانتهاكات التي وقعت في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية ضد الصحافيين الاعتقال والاحتجاز والملاحقة القضائية، وتوجيه اتهامات بإهانة رموز الدولة ومسؤوليها وقادتها، والإساءة إلى الجيش والإخلال بالأمن العام، وحققت إدارة البحث الجنائي أو المخابرات العسكرية مع ستة صحافيين.

وتعرض صحافيون في عدن والمكلا وتعز ومأرب للمحاكمة بموجب قانون العقوبات، وصدرت أحكام بالسجن والغرامات المتفاوتة مع وقف التنفيذ ضد أربعة منهم على الأقل.

ووضعت منظمة مراسلون بلا حدود اليمن في المرتبة 169 في مؤشر حرية الصحافة العالمي بسبب كل تلك الانتهاكات والأوضاع المأساوية والخطرة على حرية الصحافة وحياة الصحافيين.

وتتهم الأوساط المعنية بحرية الصحافة والإعلام في اليمن جهات أخرى بالتورط في انتهاك حرية الصحافة والصحافيين، كتنظيم القاعدة والتحالف العربي لدعم الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي والجماعات والأحزاب الموالية للحكومة، وتشير كافة التقارير والبيانات إلى انعدام وجود بيئة ضامنة لحرية الصحافة والإعلام في أي منطقة في اليمن، أو تحت سلطة أي قوة.

وتتعرض الصحافيات إلى ممارسات تمييز حتى في أوساط العاملين في الصحافة، ويتلقين حملات إساءة وتشهير وتشويه سمعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تقف خلفها جماعات وقوى سياسية واجتماعية على خلفية مزاولة أنشطتهن الصحفية أو إبداء آرائهن، وتصل تلك الانتهاكات إلى الاعتداء والمنع من العمل وعدم التقدير والاعتراف بالمجهود.

وما يزال الصحافيان محمد عبده أحمد الصلاحي ومحمد علي سالم الجنيد مختطفين منذ أواخر العام 2018 في سجون جهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة الحوثي في صنعاء، وبرغم انقضاء مدة العقوبة التي أقرتها بحقهما محكمة تسيطر عليها الجماعة؛ إلا أنها ما زالت ترفض الإفراج عنهما في ظل صمت تام حول قضيتهما.

وتعرض الصحافيان الصلاحي والجنيد للإخفاء القسري والتعذيب بعد اختطافهما في محافظة الحديدة، وتم نقلهما إلى مقر جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء، حيث أحيلا إلى النيابة الجزائية المتخصصة، ثم محاكمتهما بتهمة التخابر في المحكمة الجزائية المتخصصة محاكمة سرية، وبدون حضور محامين عنهما، ليصدر ضدهما حكما بسجنهما ثلاثة أعوام وثمانية أشهر.  وأقر الحكم الصادر ضدهما باحتساب فترة الاختطاف والإخفاء كجزء من فترة العقوبة، ومضى حتى الآن 11 شهرا منذ انتهاء عقوبة الصحافي الصلاحي، و9 أشهر منذ انقضاء عقوبة الصحافي الجنيد. والجدير ذكره أن قضية الصحافيين الجنيد والصلاحي مهملة من طرف الجهات والمنظمات المعنية بحرية الصحافة، ولم يشملهما أي اتفاق للإفراج عن المختطفين.

وفي 6 اغسطس 2022 اختطفت قوات تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي، الصحفي أحمد ماهر من أمام منزله في مدينة عدن، وبعد شهر من الإخفاء القسري ظهر ماهر في مقطع فيديو يدلي باعترافات بتورطه بأعمال إرهابية وظهر عليه الإنهاك والتعب في مخالفة صريحة للقانون، ورغم إحالة الصحفي ماهر إلى المحكمة، وتحديد موعد مثوله أمام القاضي لأكثر من 9 مرات إلا أن إدارة السجن ترفض نقله إلى المحكمة لحضور جلسات المحاكمة.

وما يزال الصحفي اليمني محمد قائد المقري مراسل قناة "اليمن اليوم" مختطفا ومختفٍ قسرياً لدى تنظيم القاعدة منذ العام 2016، ولا يعلم أحد مكان اختطافه أو مصيره. وجرى اختطاف المقري من طرف تنظيم القاعدة خلال سيطرته على محافظة حضرموت، وبرغم تحرير المحافظة لاحقاً؛ إلا أنه لم يعثر على المقري ولم يجرِ تحريره.

وادعى كل من الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي أن المقري مختطفٌ لدى الأخرى، وطالب بتضمينه صفقات تبادل المختطفين، الأمر الذي يعدّ مشاركة منهما في صناعة مأساته ومضاعفة محنته، بينما لم تٌبذل أي جهود لتحريره أو الكشف عن مصيره، ومعرفة المكان الذي يجري احتجازه فيه.

يطالب المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) الحكومة اليمنية والجماعات المسلحة بالتوقف عن إلحاق العقوبات بالصحافيين اليمنيين وملاحقتهم واضطهادهم بناء على ممارسة حرياتهم الصحافية ومزاولة أنشطتهم، وإنهاء التعامل معهم كأعداء وخصوم ومخبرين ومجرمين، وتوفير البيئة الآمنة لهم لممارسة مهنتهم بدون أي شروط أو قيود.

كما يطالب (ACJ) بالسماح بعودة جميع وسائل الإعلام المتوقفة إلى العمل بدون قيود وشروط، ورفع الرقابة والوصاية عنها، وإطلاق وسائل الإعلام الرسمية والحزبية والأهلية وإعادة ما جرى نهبه من معداتها وأموالها، وإسقاط كافة التهم والعقوبات المفروضة على مالكيها والعاملين فيها.

ويدعو المركز المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف الانتهاكات التي تطالب حرية الصحافة والإعلام في اليمن، ودعم جهود إنهاء الحرب وصناعة السلام وإعادة مؤسسات الدولة كشرطين رئيسيين لتمكين الصحافة والصحافيين من العودة إلى العمل في بيئة آمنة، وبما يحقق حرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات دون قيود.

كما يشدد المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) على ضرورة تحقيق العدالة للصحافيين اليمنيين، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، ومحاسبة ومساءلة كافة الجهات والجماعات الشخصيات التي مارست انتهاكات لحرية الرأي والتعبير، وارتكبت جرائم ضد الصحافيين في اليمن، خصوصا تلك الجرائم المتعلقة بحق الحياة والسلامة الجسدية والحرية الشخصية.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي