ذكريات خالدة

> عبد السلام فارع :

> في مثل هذا الشهر الخالد من العام 75م ، وفي ظل المناخات التشطيرية المعاشة آنذاك كنت في زيارة ودية مع شقيقتي أم هيثم لمدينة عدن الساحرة والجميلة، والتي ترسخ عشقي لها في العام 67م، يوم أن كان النضال المسلح ضد المستعمر الغاصب في عز أوجه وعنفوانه، حتى تحقق الاستقلال النافذ في الثلاثين من نوفمبر من نفس العام.

أجل أيها الأعزاء لقد تزامنت تلك الزيارة مع زيارة خاصة اضطلع بها فريق هورسيد الصومالي أحد أشهر الأندية الرياضية الأفريقية، وحينها كان يدرب الفريق عملاق الكرة اليمنية الراحل الكابتن علي محسن المريسي، ويومها خاض الفريق الصومالي مواجهته الودية الأولى، أمام فريق القوات المسلحة والذي كان يضم كوكبة من أبرز نجوم الكرة اليمنية، وانتهت تلك المواجهة الكروية الشائقة حينها بالتعادل السلبي بدون هدف بعد عرض مثير وسيمفونيات متميزة وخالدة مازالت مرسومة في الذاكرة حتى اليوم، قياسًا بالمواجهات المماثلة التي كنت أشاهدها في شمال الوطن إبان تلك الفترة.

أما المواجهة الثانية للفريق الصومالي الزائر (هورسيد) والتي حفلت بكل فنون التكتيك والتكنيك والإثارة والتشويق، فقد جمعته مع فرسان وغزلان الوحدة بالشيخ عثمان يومها وفي المباراة الأولى أمام الجيش أصبت بحالة من الذهول لذلك المستوى المبهج والمدهش، في آن واحد، وكأني أشاهد واحدة من مباريات الدوري الإنكليزي، لينتهي ذلكم اللقاء التاريخي البديع بالتعادل العادل في كل شيء.

وعقب تلكم المواجهة التاريخية الخالدة اتجهت مع الأخوين وجدي وفيصل محمد صالح العراسي، من ملعب المباراة إلى مقر نادي الوحدة بالشيخ عثمان، بهدف إجراء حوارات صحفية مع أكثر من نجم ممن جذبتني عطاءاتهم داخل المستطيل الترابي الأحمر..

وحينما وصلنا إلى مقر النادي بالشيخ عثمان وجدته يعج بالكثير من المناصرين للفريق ووجدت باب الإدارة موصدًا وكأني في مقر رئاسة الجمهورية أو رئاسة الأركان وجوبهت بصعوبة بالغة في الولوج إلى الإدارة بسبب ذلك الحارس المنتصب في البوابة.

لا لعجرفته وغطرسته ولكن لنباهته وفطنته، حيث كنت ما أزال في مقتبل العمر وربما مظهري لا يوحي بأني من أرباب الصحافة، وعلى ضوء ذلك قمت بصياغة مذكرة محترمة لرئيس وأعضاء الهيئة الإدارية للنادي أبلغتهم فيها عن إعجابي الشديد بالمستوى الذي ظهر به الفريق، وعن رغبتي الجامحة في محاورة بعض النجوم الذين جذبوا اهتمامي بأدائهم الراقي والجميل مثل الراحل عبد الله الهرر، والراحل عوضين، والراحل عصام عبده عمر الذي كان قد أنقذ هدفًا محققًا لهورسيد من حلق المرمى.

ولم تمضِ أكثر من ساعتين على تسليم تلك المذكرة لحارس بوابة الإدارة الوحدوية حتى جاءني إلى منزل النجم الأسطوري العملاق محمد صالح العراسي والذي تربطني به قرابة أسرية عميقة، النجم والموثق الجميل الراحل عصام عبده عمر، لنتفق معًا على محاور اللقاء الذي نشر في أكتوبر من نفس العام في صحيفة الجمهورية يومها نصحني رئيس التحرير الأستاذ/ محمد الكاضمي، بألا أضع اسمى على المادة وأن أختار أي اسم أو أي رمز كي لا أظل تحت المراقبة وقد كان ذلك.

هوامش

يوم أن نشرت تلك المواجهة الصحفية مع الراحل عصام عبده عمر قمت بإرسالها لتصله بنفس اليوم، في كل زيارات الوحدة لتعز كنت أسأل عن عصام وقبل فترة أبلغني أحد المتيمين بالوحدة والذي فقد صوته بسبب مناصرته للفريق بأن عصام صار مشرفًا رياضيًا، وسيكون الأسبوع القادم في تعز وحدث ذلك وبعد عناق شديد مع العصام أذهلني بإخراج الصحيفة من كيس دعاية كان يحمله في يده.. تصفحتها وكأنه لم يمر عليها أربعة عقود من الزمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى