فكرة غبيّة لــ" شرعنة" الانفصال من داخل أطر الشرعية!

د. علي العسلي
الخميس ، ١٥ يونيو ٢٠٢٣ الساعة ٠٤:٥٣ مساءً

ليس جديدا أن يعلن الانتقالي، الادارة الذاتية للجنوب؛ فعلها سابقاً، وتراجع عنها، ولكن بمكافئة حصل عليها من خلال اتفاق الرياض، الذي بموجبه تمكّن الانتقالي من تمرير أطروحات هيئاته، لشرعنة مجلسه الانتقالي الجنوبي، حصل بهذه الخطوة على نصف شرعنة في الحكومة الشرعيّة، هلّل ورحب وأيد العالم لاتفاق الرياض، واعتبرت بنوده مهمة في توحيد القوى في اطار مناطق سيطرة الشرعية؛ ثم الحق باتفاق الرياض 1 اتفاق الرياض2 ، إلى هنا شرعن جسم الانتقالي؛ وجاء مؤتمر المشاورات اليمنية-اليمنية،  ليشرعن رأس الانتقالي في رأس السلطة الشرعية، وبارك العالم الخطوة بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، ونقل السلطة.. وظهر بعده، مصطلح  "طار خاص للتفاوض النهائي" لقضية الجنوب، ومصطلح اخر احترام حق تطلع شعب الجنوب لتحديد مستقبله الساسي!؛هذين مصطلحين جديدين انتزعهما الانتقالي ليمررا من ألسُن  الشرعية والاعلام الرسمي، وهما يؤسسان للانفصال لو استمر تكرار استخدامهما!؛ ولو رجعنا لحقيقة الأمر؛ فإن إعلان الرئيس هادي، قد استند إلى الدستور والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأكد على التمسك بالوحدة والحفاظ عليها وعلى السيادة واستقرار اليمن الواحد الموحد، وما إلى ذلك.. غير أنه لا يلتفت إليها عند حدوث أية مشكلة جديدة، ولا يطرح على الطاولة جرد حساب ومحاسبة المنتهكين للاتفاقات والتفاهمات، وبالتالي التوقف عن ابرام أي شيء جديد إلا بعد تنفيذ كل ما اتفق عليه سابقا وبشكل دقيق وتام؛ ونفس الشيء حصل قبل إعلان الرئيس هادي لنقل السلطة، فاتفاق الرياض1 واتفاق الرياض 2 يحويان بنود مهمة، واجبة التنفيذ من قبل المجلس الانتقالي، هي متطلبات وثمن إشراكه بالشرعية، وافق عليها ووقع، لكنه لم ينفذها!؛ وبموجب الاتفاقين كان عليه أن يذوب بالشرعية، لا أن تذوب الشرعية فيه، لتتلاشى لاحقاً!  وما جاء في مضمون اعلان نقل السلطة هو توحيد القوى الفاعلة على الارض والعمل في اطار ادارة واحدة مشتركة لاستعادة الدولة وانهاء الانقلاب والوصول إلى سلام شامل! غير أن الانتقالي فهم البنود بطريقته الخاصة الملتوية، ولأن لا أحد يحاسب ويعاقب، استمر يطالب ولا ينفذ، يمارس الانفصال دونما اكتراث بالعواقب!؛، المهم قام بتنفيذ روح اعلان نقل السلطة بالمعكوس أو المقلوب،  فوحدّ بعض القوى في الجنوب لصالحه، فتحصّل على انضمام عضوين أخرين من مجلس القيادة الرئاسي بقوتهم إليه وهرولة آخرين أو هم بالطريق للانضمام إليه، وفهم الانتقالي استعادة الدولة بدولة الجنوب، وانهاء الانقلاب بإنهاء الشرعية!؛ هذا هو واقع الحال بكل بساطة..  أما التمرد الجديد كما القديم لا علاقة له لا بالفساد ولا بالاقتصاد ولا بذهاب الموارد،  ولا بتقديم الخدمات، هذا كله كلام للاستهلاك فقط!  فالانتقالي أوكل له  مهمة، هي  أكل الشرعية قطعة ،  قطعة.. فالجديد الذي أعلنه الانتقالي هو عدم توريد الموارد للبنك المركزي في المحافظات الذي عين له فيها محافظين بقرار جمهوري من رئيس الجمهورية الرئيس هادي،  أو من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي ،  تخيلوا  القرار لهم من أعلى قيادة  الشرعية، والالتزام بالتنفيذ بموجب توجيهات المجلس الانتقالي، ما هذا السخف والهراء؟  وزيز دولة محافظ عدن  يتمرد ويقرر عدم توريد الاموال للبنك المركزي، يحنث بقسمه وغيره كذلك مثله، ما هذا السقوط؟!؛ وما هذا السكوت من قبل من عينهم؟!؛  هذا وقد سبق دعوة المجلس الانتقالي  للمحافظين بالتمرد على تنفيذ قوانين الدولة وتوجيهات الحكومة؛ حملة ضد رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك؛ غير أنه مما أشيع وسُرّب من أن الانتقالي لا يمانع من أن يبقى الدكتور معين رئيساً للحكومة بشروط!؛ فاتضح أن التمرد والعصيان، له دوافع ابتزازية!؛ يطلبون في مفاوضتهم الجديدة، إذاً تعديل حكومي، بحيث تكون لهم  الوزارات السيادية ومحافظ البنك المركزي، بالإضافة إلى استحداث منصب جديد بالمخالفة للدستور نائباً لرئيس الوزراء-منهم طبعا- لشؤون الجنوب؛ حتى يتسنى لهم لاحقا استخدام هذا المنصب بعد شرعنته للتمرد ومزيد الانفصال، وهكذا تستمر العملية!؛  فالمسألة إذاً تحتاج من الرعاة والضامنين وباقي أركان الشرعية إلى وقفة جادّة ومراجعة ومحاسبة!؛ لأنه لو قُدّر لهم أن ينالوا ما يطلبون، فسيهلل العالم ويؤيد كما الاتفاقات دون ان يسأل ويحاسب  الانتقالي عن سبب تمنّعه عن تنفيذ ما عليه، وبهذا ستسير الامور نحو الحكم الذاتي انتقالياً، ثم الاستفتاء فالانفصال أو فك الارتباط.. وفكرة أكل الشرعية من داخلها، فكرة خبيثة  وغبية بآن! فهي خبيثة لأنها في هذا العالم المضطرب والفاقد للأخلاق المعظم للمصالح والمدنّي للقيم والمبادئ، قد تمرر مشاريع التجزئة من أجل الاستفراد بالثروة والتحكم بالمواقع الاستراتيجية؛ وإلا بربكم كيف يسمح حتى بالمناقشة لمشاريع انفصالية وقت الحرب؟!؛ في أثناء الحروب معيب وظلم أن تمرر مشاريع انفصال، فهي ظالمة وغير عادلة بكل المقاييس؛ وهي  غبية حقا أن يشرعن الانفصال من داخل أطر الشرعية، وهو أمر لا يستقيم قانوناً واخلاقاً وقيماً، وربما على الارض، فالحاضن ضعيف مهما ادّعى المدّعون! وهنا أحب أن الفت الانتباه إلى أن الحوثي غبيّ، إذ يمارس الانفصال باسم الجمهورية اليمنية، بينما الانتقالي أغبى يريد الانفصال بعد شرعنته في سلطة الجمهورية اليمنية الشرعية، كلا النموذجين سيئين وغبين، غير أن الحوثي ربما أذكى بقليل عمّا هو عليه الانتقالي، فهو يمارس الانفصال باسم الجمهورية، كونه يدّعي أنه قام بثورة وهي نكبة، كنكبة هؤلاء، فهو استولى على الدولة اليمنية ويمارس انفصاله باسمها بمؤسساتها ومقدراتها ووثائقها واختامها وحتى سنداتها وبموظفيها ومن انضم إليه من جيشها؛ ويدّعي من أنهم يواجهون (العطوان)، وباستمرار حماقات الانتقالي بتمرده، سيدّعون أن واحبهم الدفاع عن اليمن وسيادته ووحدته، وسيحشدون لذلك كثيرون.. فقليل من العقل وعدم استغفال عقول الناس والذهاب نحو الانفصال، فوحدوا القوى والامكانات وانهوا الانقلاب، وبعدين لكل حادث حديث.. فلا ينبغي بحال استغلال الظروف التي تمر بها اليمن وتمرر مشاريع لا يرتضيها شعب اليمن، فوقت الشدائد لا ينبغي السماح أدبياً وقانوناً باستغلال الظروف المحيطة.. هنا أوقفوا المهزلة، وتوقفوا عن سياسة ليّ الاذرع وممارسة الابتزاز ،  فما تقومون به، نقول لكم وبالفم المليان لا  وألف لا!؛

الحجر الصحفي في زمن الحوثي