سلطنة عُمان تمتلك مقومات الوسيط لإنجاح عملية السلام باليمن

> يوسف حمود - الخليج أونلاين:

> ​على مدار سنواتٍ من حرب اليمن تحركت سلطنة عُمان بكل جهودها الدبلوماسية في سبيل إنهاء الحرب، وعملت على تحويل عاصمتها مسقط مركزاً للمفاوضات السياسية، ومرتكزاً لأي خطوات دولية وإقليمية لمنع مزيد من تدهور البلد الجار.

وبعد أن فشلت جهود المبعوثين الأمميين السابقين إلى اليمن، الذين كان آخرهم هانس غروندبرغ، ووسطاء آخرين، في التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، نجحت السلطنة في المرحلة الأولى من إنجاز هدنة بدأت في أبريل الماضي، واستمرت ستة أشهر.

ولم تكن الجهود العُمانية اللاحقة تسعى فقط لتمديد الهدنة في البلد الذي يخوض حرباً منذ عام 2015؛ بل كان هدفها الوصول إلى اتفاق لإنهاء الحرب كلياً وجمع المتصارعين على طاولة الحوار، وهو ما بدا اليوم أقرب إلى الواقع، ليؤكد دور عُمان السياسي وحيادها في إنهاء الصراعات في المنطقة.
  • إشادات مختلفة
كان الـ8 من أبريل 2023 موعداً مع تحقيق سلطنة عُمان اختراقاً كبيراً في الأزمة اليمنية، تمثل في وصول وفد عُماني - سعودي إلى العاصمة اليمنية صنعاء، التي تقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي، في خطوة نحو إعلان اتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

وكان اللافت في وصول الوفد من البلدين الخليجيين وجود السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، ضمنه؛ وهي المرة الأولى التي يزور فيها مسؤول سعودي بارز صنعاء منذ عام 2015.

ولاقت هذه الخطوة التي قادتها عُمان إشادات كبيرة، حيث انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "عُمان تصنع السلام باليمن"، وعلق رئيس تحرير صحيفة العرب القطرية سابقاً، عبد الله العذبة، بالقول: إن "الحكمة السلطانية كانت موجودة بفضل الله بمنطقتنا التي عانت عدم الاستقرار والحروب بالسنوات العشرين الماضية".

بدوره علق الصحفي اليمني أنيس منصور قائلاً: "كان الجميع يهرع نحو مخازن السلاح، ويطلق النار في كل اتجاه، وكانت عُمان تكرس نفسها لمزيد من التفكير بطرق جديدة لتطفئ النيران، وها هو الجهد يثمر".

وقال الكاتب العُماني مصطفى الشاعر: إن "اليمن وعُمان ركنا الأمة العربية، وهم على مر التاريخ يتشاركون في المصير، وما يحدث ليس منّة من عُمان، فمالك بن فهم الأزدي انطلق من اليمن ليحرر عُمان من الفرس".

أما راشد الكعيبي فقد أشار إلى أن "رجال السلطان هيثم في مهمات المستحيل عازمون على إعادة اليمن السعيد".

أما محمود رأفت، رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي، فقد عبر عن تحيته لـ"سلطنة عُمان، شعباً وقيادةً، التي بذلت مجهودات جبارة طيلة الأعوام الماضية لوقف بحور الدم العربي".

وسبق أن أثنى الرئيس الأمريكي جو بايدن على الجهود التي قام بها سلطان عُمان هيثم بن طارق، لتمديد الهدنة في اليمن ودعمها للجهود الأممية والأمريكية لإيجاد حل سلمي دائم للأزمة اليمنية.
  • الوساطة العُمانية
عقب انتهاء الهدنة، في أكتوبر من العام الماضي، ورفض الحوثيين تمديدها، استمرت عُمان في رعاية محادثات سرية بين الحوثيين والسعودية في مسقط من دون تسريبات عن فحواها، وسط مخاوف حينها من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة عسكرية، خصوصاً بعد التهديدات الحوثية بالتصعيد.

وطورت السعودية اتصالات مباشرة مع الحوثيين وقياداتهم في صنعاء، من خلال مكتبهم للاتصال الخارجي في مسقط، وتعاطت بإيجابية مع طروحاتهم، وذهبت الرياض بعيداً نحو التواصل مع النظام الإيراني للبحث في إمكانية حل الأزمة اليمنية.

وخلال المفاوضات أُعلن، في أكتوبر الماضي، عن تبادل الوفود بين السعودية وجماعة الحوثيين، وزار وفد سعودي صنعاء، في المقابل زار وفد الحوثيين مدينة أبها السعودية، لأربعة أيام، ضمن مخرجات المفاوضات التي أجراها الجانبان في مسقط.

ولعل الاتفاق السعودي الإيراني الذي رعته الصين في 10 مارس 2023، والذي نص على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فتح الباب أمام مسقط لرفع احتمالات أن يساهم في وساطتها لحل الأزمة اليمنية، وأن يكون الملف الأكثر تركيزاً للجانبين لإنهائه، والذي بدا أنها تمضي نحو تحقيقه بخطا ثابتة.
  • دور معروف
يؤكد مستشار وزير الإعلام اليمني، مختار الرحبي، أن "الدور العُماني معروف ليس من اليوم وإنما منذ بداية الأزمة باليمن"، مشيراً إلى أن مسقط "تبذل جهوداً كبيرة منذ سنوات للوصول إلى حل سياسي وسلمي في اليمن".

ويلفت "الرحبي"، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن سلطنة عُمان على الرغم مما تقوم به فإنها "تعرضت سابقاً للكثير من الاتهام والانتقاد والاستهداف والهجوم من كثير من الأطراف".

ويضيف: "لكن اتضح أن الرؤية العُمانية هي الرؤية الناضجة في المنطقة، وأن حياد السلطنة نفع مختلف اليمنيين والتحالف العربي وجميع الأطراف".

ويصف دور سلطنة عُمان بأنه كبير جداً، نتج عنه أن يقوم السفير السعودي لدى اليمن بزيارة صنعاء، ولقاء قيادات الحوثيين والجلوس للتباحث معهم".

ويرى أن الأيام المقبلة ستكون على موعدٍ مع إعلان اتفاق بشأن الأزمة اليمنية، "وأن البوادر تلوح بالأفق أن جميع الخطوات إيجابية".

ويؤكد أن "أي كلمة شكر أو إشادة من اليمنيين فإنها توجه لسلطنة عُمان ولدورها الكبير الذي بذلته خلال السنوات الماضية"، لافتاً إلى "الإشادات الدولية" من الولايات المتحدة والأمم المتحدة إزاء ما تقوم به مسقط من أجل إنهاء الحرب في بلاده.

بدوره يؤكد الكاتب والصحفي العماني عوض بن سعيد باقوير، أن الحرب في اليمن تقترب من نهايتها، في أعقاب الجهود الدبلوماسية العُمانية، والتي قال إنها تواصلت منذ اندلاع الحرب قبل ثمان سنوات.

باقوير أشار إلى أن المتغير الأساسي الذي جعل الموضوع اليمني يتجه نحو الحل السياسي "هو الاتفاق السعودي الإيراني وعودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، والتي كان للجهود العمانية دور فيها من خلال جلسات الحوار التي عقدت في مسقط بين الجانبين السعودي والإيراني".

ويلفت، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "الجهود الدبلوماسية العُمانية حرصت على إنهاء الحرب في اليمن"، مشيراً إلى أن ذلك يأتي بالتزامن مع "توجه سعودي لإنهاء أزمات المنطقة خاصة في اليمن".

كما أشار إلى أن الدبلوماسية العُمانية "تواصل دورها النبيل في إيجاد حلول ومقاربات سياسية بهدف إيجاد الأمن والاستقرار والتعايش السلمي بين دول المنطقة وشعوبها".
  • دور عماني بارز
وخلال سنوات مضت أدت مسقط دور الوسيط في عديد من الأزمات الكبيرة، وقد أكد وزير خارجيتها، بدر البوسعيدي، مراراً، استعداد السلطنة للتوسط في أي خلاف دولي، ومن ذلك حرب اليمن، "نظراً لما تملكه عُمان من حيادية إزاء القضايا والأزمات الدولية".

وبدأت عُمان فعلياً بالتوسط في أزمة اليمن منذ الأيام الأولى من الحرب، حيث قادت وساطة بعد أقل من شهرين على اندلاع الحرب في مارس 2015، غير أنها لم تحقق اختراقاً حينها في جدار الأزمة.

ولعل ما ساهم في عزم عُمان على السير نحو إنجاح المفاوضات اليمنية منذ سنوات، هو فشل الأمم المتحدة خلال الأعوام الماضية في جمع أطراف الصراع في اليمن، بعد تعنتٍ حوثي أمام كل المحاولات.

وتملك سلطنة عُمان المقومات التي تجعل منها الوسيط الذي يستطيع إنجاح عملية السلام في اليمن، خاصة أن علاقتها ممتازة مع الحوثيين وإيران، وكذلك علاقتها قوية مع السعودية والحكومة الشرعية اليمنية.

وإلى جانب ذلك تستضيف مسقط مسؤولين حوثيين منذ عام 2015، أبرزهم الناطق باسم جماعة الحوثي ورئيس الوفد التفاوضي، محمد عبد السلام، كما أمنت للجماعة بيئة مرحبة وآمنة لإدارة مصالحها الدولية والانخراط سياسياً مع القوى العالمية والإقليمية، وغطاء كافياً للاعبين الدوليين في التعامل مع وفد الحوثيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى